تونس في 3 ديسمبر 2020
تحيي الكنفدرالية العامة التونسية للشغل ذكرى تأسيس أول منظمة نقابية تونسية الا و هي جامعة عموم العملة التونسيين التي تم تأسيسها في 3 ديسمبر 1924 على يد أبو الحركة النقابية في تونس الزعيم النقابي الفذ محمد علي الحامي.
و ما أشبه اليوم بالأمس حيث تتزامن الذكرى 96 مع المنعرج التاريخي الذي تعيشة تونس اليوم حيث طغت على بلادنا اليوم سياسة اللوبيات و المحسوبية و تنفذ النظام الريعي في شتى المجالات بما في ذلك المجال النقابي مما يفسر انتفاضة الشباب و الجهات المهمشة بصفة عامة.
و نحن اذ نحيي بكل نخوة و اعتزاز هذه الذكرى النقابية المجيدة فإننا نؤكد التزامنا بالمبادئ و القيم التي تأسست عليها الحركة النقابية الوطنية التونسية و نعبر عن وفائنا و عرفاننا بالجميل لكل شهداء الحركة النقابية التعددية الحرة و روادها و مؤسسيها الذين ضحوا بأنفسهم دفاعا عن تحرير الوطن و إخلاصا للشغالين و في مقدمتهم كل من محمد علي الحامي و الطاهر الحداد و المختار العياري و بلقاسم الڨناوي و فرحات حشاد الذي نحيي يوم 5 ديسمبر الجاري ذكرى اغتياله الثامنة و الستين.
تحيي الكنفدرالية العامة التونسية للشغل هذه الذكرى المجيدة في ظل ازمة صحية عالمية افرزت ازمة اقتصادية و اجتماعية حيث اتسم الاقتصاد العالمي بحالة من الركود الغير مسبوق و دخل النظام الاقتصادي العالمي في أزمة تعد الأخطر منذ الكساد العظيم الذي شهده النظام الرأسمالي في ثلاثينيات القرن الماضي.
و لا نخال بلادنا بمنأى عن تأثيرات هذه الأزمة العالمية الحادة خاصة في ظل عشرية اتسمت فيها الطبقة السياسية في تونس باللامسوؤلية و العبث حيث تفننت في الصراع على السلطة متناسية دورها الاساسي ألا و هو حسن ادارة الشأن العام كما كرست النظام الريعي في شتى المجالات (اقتصادية، ثقافية، نقابية، حقوقية …) حتى اصبحت رهينة لدى المتحكمين في هذا النظام. و هو ما أدى الى انتفاضة ما يعبر عنه بالهامش.
بالإضافة لذلك فان بلادنا اليوم تعيش ازمة حارقة في السلطة القضائية و أصبحت استقلالية القضاء موضوع تساءل و هو ما يعد خطر كبير على الديمقراطية باعتبار ان استقلالية القضاء هي مسألة مبدئية و ضامنا لحماية الحقوق الفردية و السياسية للأفراد و المنظمات.
كما تميزت المرحلة بخرق الحكومة لكل القوانين و المعاهدات الوطنية و الدولية حيث ترفض تنفيذ قرار المحكمة الادارية فيما يخص التعددية النقابية الصادر لفائدة الكنفدرالية منذ 2015 كما رفضت مؤخرا قرار المحكمة الادارية فيما يخص نشر الاتفاقية المشتركة للصحفيين بالرائد الرسمي و ذلك لانسياقها لإملاءات طرف نقابي معين ضاربة عرض الحائط لكل الاعراف و ابجديات احترام القانون.
إن المسؤولية الوطنية تقتضي منا التحسب لكل الاحتمالات و العواقب الوخيمة للأزمة، و اتخاذ كافة الاحتياطات و الإجراءات اللازمة بكل نجاعة و فاعلية لمجابهة التداعيات السلبية على الانشطة الاقتصادية و انعكاساتها الوخيمة على المجال الاجتماعي الذي يشكو اصلا من مصاعب هيكلية تجسدها البطالة و تدهور المقدرة الشرائية للشغالين علاوة على تدهور الخدمات العمومية من صحة و تعليم و نقل دون نسيان أزمة المالية العمومية بصفة عامة و اشراف الصناديق الاجتماعية على الافلاس.
ان مواجهة هذه التحديات، يتطلب من الحركة النقابية التونسية بالتعاون مع الشركاء الاجتماعيين و مختلف مكونات المجتمع المدني، العمل من أجل القطع مع الاقتصاد الريعي المساهمة في تأهيل النظام الانتاجي و محيطه و تعزيز مقدرته التنافسية عبر النهوض بالموارد البشرية و تطوير الكفاءات و المهارات و دعم الابعاد الاجتماعية للتنمية و هو ما يسمح بخلق مناخ ملائم للاستثمار، خاصة في القطاعات الواعدة و يتيح النمو الاقتصادي المرتفع، و يخلق مواطن شغل نوعية و يوفر رصيدا هاما لتحسين نوعية الحياة و يلعب دورا متميزا في التنمية المستدامة مما يسمح بتموقع أفضل لبلادنا على الساحة الدولية.
و نحن اذ نحيي بكل نخوة و اعتزاز ذكرى تأسيس منظمتنا الأم فإننا نؤكد التزامنا بالمبادئ و القيم التي تأسست عليها الحركة النقابية الوطنية التونسية و عملنا على تكريس المواطنة و حرية العمل النقابي و التعددية النقابية. ومن هذا المنطلق فإننا نجدد دعوتنا للحكومة الى اعادة هيكلة المجلس الوطني للحوار الاجتماعي (هذا الهيكل الذي ولد ميتا ليكرس الريع النقابي) حتى يلعب دوره الحقيقي و يقدم حلول للأزمة الاجتماعية الخانقة التي تمر بها بلادنا، كما يمكنه أن يكون اطار للتفاعل الايجابي مع مطالب الجهات و الشرائح المهمشة لتحقيق العدالة الاجتماعية و تفادي تفكك الدولة .
ختاما يعبر مناضلو و مناضلات الكنفدرالية العامة التونسية للشغل عن مساندتهم المطلقة لنضالات المهمشين في مختلف القطاعات و الجهات من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة و يحملون الحكومة و رئاسة الجمهورية المسؤولية الكاملة في ما آلت اليه الاوضاع الاجتماعية الحالية جراء انتهاجهم سياسة اجتماعية عقيمة مبنية على الاقصاء و الانفراد بالرأي.
عاشت الحركة النقابية التعددية الحرة
عاشت الكنفدرالية العامة التونسية للشغل حرة، مستقلة، ديمقراطية ومناضلة.
عاشت نضالات التونسيات والتونسيين
الأمـــــين العـــــــــــــــام
محمد علي ڨيزة

