تونس في 14 جانفي 2021
تحيي الكنفدرالية العامة التونسية للشغل الذكرى العاشرة لثورة الحرية والكرامة 17ديسمبر – 14 جانفي والتي كان أوقدها الشباب من مختلف جهات الجمهورية وخاصة المناطق الداخلية منها التي كانت المحرك القوي للفعل الثوري و لا يزال الشباب ينتظر الحلول العملية للمعضلات المزمنة والقائمة على عدم التوازن بين الجهات و الفئات الاجتماعية.
و نحن اذ نحيي بكل نخوة و اعتزاز هذه الذكرى المجيدة فإننا نعبر على رفضنا لطريقة تسيير الدولة التي اتسمت بالعبثية، حيث طغت على بلادنا اليوم سياسة اللوبيات و المحسوبية و تنفذ النظام الريعي في شتى المجالات بما في ذلك المجال النقابي مما يفسر انتفاضة الشباب و الجهات المهمشة بصفة عامة.
تحيي الكنفدرالية العامة التونسية للشغل هذه الذكرى المجيدة في ظل ازمة صحية عالمية افرزت ازمة اقتصادية و اجتماعية حيث اتسم الاقتصاد العالمي بحالة من الركود الغير مسبوق و دخل النظام الاقتصادي العالمي في أزمة تعد الأخطر منذ الكساد العظيم الذي شهده النظام الرأسمالي في ثلاثينيات القرن الماضي.
و لا نخال بلادنا بمنأى عن تأثيرات هذه الأزمة العالمية الحادة خاصة في ظل عشرية اتسمت فيها الطبقة السياسية في تونس باللامسوؤلية و العبث حيث تفننت في الصراع على السلطة متناسية دورها الاساسي ألا و هو حسن ادارة الشأن العام كما كرست النظام الريعي في شتى المجالات (اقتصادية، ثقافية، نقابية، حقوقية …) حتى اصبحت رهينة لدى المتحكمين في هذا النظام. و هو ما أدى الى انتفاضة ما يعبر عنه بالهامش.
بالإضافة لذلك فان بلادنا اليوم تعيش ازمة حارقة في السلطة القضائية و أصبحت استقلالية القضاء موضوع تساءل و هو ما يعد خطر كبير على الديمقراطية باعتبار ان استقلالية القضاء هي مسألة مبدئية و ضامنا لحماية الحقوق الفردية و السياسية للأفراد و المنظمات.
كما تميزت المرحلة بخرق الحكومة لكل القوانين و المعاهدات الوطنية و الدولية حيث ترفض تنفيذ قرار المحكمة الادارية فيما يخص التعددية النقابية الصادر لفائدة الكنفدرالية منذ 2015 في المقابل فإنها تتعامل بمنطق قانون الغاب في علاقة بالإضرابات الاخيرة في سلك القضاء و ما يسمى ب”اتفاق الكامور”.
إن المسؤولية الوطنية تقتضي منا التحسب لكل الاحتمالات و العواقب الوخيمة للأزمة، و اتخاذ كافة الاحتياطات و الإجراءات اللازمة بكل نجاعة و فاعلية لمجابهة التداعيات السلبية على الانشطة الاقتصادية و انعكاساتها الوخيمة على المجال الاجتماعي الذي يشكو اصلا من مصاعب هيكلية تجسدها البطالة و تدهور المقدرة الشرائية للشغالين علاوة على تدهور الخدمات العمومية من صحة و تعليم و نقل دون نسيان أزمة المالية العمومية بصفة عامة و اشراف الصناديق الاجتماعية على الافلاس.
ان مواجهة هذه التحديات، يتطلب من الحركة النقابية التونسية بالتعاون مع الشركاء الاجتماعيين و مختلف مكونات المجتمع المدني، العمل من أجل القطع مع الاقتصاد الريعي و المساهمة في تأهيل النظام الانتاجي و محيطه و تعزيز مقدرته التنافسية عبر النهوض بالموارد البشرية و تطوير الكفاءات و المهارات و دعم الابعاد الاجتماعية للتنمية و هو ما يسمح بخلق مناخ ملائم للاستثمار، خاصة في القطاعات الواعدة و يتيح النمو الاقتصادي المرتفع، و يخلق مواطن شغل نوعية و يوفر رصيدا هاما لتحسين نوعية الحياة و يلعب دورا متميزا في التنمية المستدامة مما يسمح بمتوقع أفضل لبلادنا على الساحة الدولية.
و نحن اذ نحيي بكل نخوة و اعتزاز ذكرى تأسيس منظمتنا الأم فإننا نؤكد التزامنا بالمبادئ و القيم التي تأسست عليها الحركة النقابية الوطنية التونسية و عملنا على تكريس المواطنة و حرية العمل النقابي و التعددية النقابية. ومن هذا المنطلق فإننا نجدد دعوتنا للحكومة الى اعادة هيكلة المجلس الوطني للحوار الاجتماعي (هذا الهيكل الذي ولد ميتا ليكرس الريع النقابي) حتى يلعب دوره الحقيقي و يقدم حلول للأزمة الاجتماعية الخانقة التي تمر بها بلادنا، كما يمكنه أن يكون اطار للتفاعل الايجابي مع مطالب الجهات و الشرائح المهمشة لتحقيق العدالة الاجتماعية و تفادي تفكك الدولة .
ختاما يعبر مناضلو و مناضلات الكنفدرالية العامة التونسية للشغل عن مساندتهم المطلقة لنضالات جرحى الثورة و المهمشين بصفة عامة في مختلف القطاعات و الجهات من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة و يحملون الحكومة و رئاسة الجمهورية المسؤولية الكاملة في ما آلت اليه الاوضاع الاجتماعية الحالية جراء انتهاجهم سياسة اجتماعية عقيمة مبنية على الاقصاء و الانفراد بالرأي.
عاشت الحركة النقابية التعددية الحرة
عاشت الكنفدرالية العامة التونسية للشغل حرة، مستقلة، ديمقراطية ومناضلة.
عاشت نضالات التونسيات والتونسيين
الأمـــــين العـــــــــــــــام
محمد علي ڨيزة

